المنافقون في صورة قرآنية
كانت الصورة الوضيئة هي صورة المؤمنين من المهاجرين والأنصار والذين جاؤوا من بعدهم ، في ما تتميز به من الروح المخلصة المتحركة في خط الإيمان الصادق ، والتضحية الصادقة ، والموقف الثابت على الحق.
وهذه هي صورة المنافقين الذين تتجلى صورتهم القلقة المخادعة المظلمة في انتهازيتهم التي تتحرك في دائرة منافعهم الذاتية بعيدا عن علاقتهم بالآخرين في نطاق القرب والبعد ، فهم لا يخلصون للمؤمنين ولا للكافرين ، وإن كانت مصلحتهم تلتقي غالبا بالكافرين دون المؤمنين ، فإذا كانت مصلحتهم في سقوط الكافرين أسقطوهم. وهذا ما نلاحظه في الصورة النفاقية المتحركة في قصة بني النضير الذين تحالفوا مع المنافقين في المدينة ، ولكن المنافقين خذلوهم عند ما خافوا على أنفسهم من سيطرة المسلمين ، ورأوا أن المطلوب منهم من قبل اليهود أن يدخلوا معهم في قتال ضد المسلمين ، وهم لا يطيقون الدخول مع أحد في مسألة القتال ، لأن سياستهم أن يكونوا من الجالسين على التل ، الذين يتربصون بالجميع الدوائر ، لتكون النتائج النهائية لحسابهم مع حسابات هذا الفريق أو ذاك أو ضد حسابات الجميع.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا) في المدينة ممن أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر ، (يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ) في ما هي الأخوة المعقودة بينهم في الموقف ضد الإسلام والمسلمين ، من هؤلاء (الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) عند ما طرح الموقف عليهم من قبل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يخرجوا من ديارهم : (لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً) فإذا كنا قد أخفينا ملامحنا الحقيقية طيلة المدة السابقة للحفاظ على المصلحة المشتركة بيننا ، فسنقف الآن وقفة واضحة حاسمة تؤكد المصير المشترك ، وتدعم موقفكم ، حتى يعرف المسلمون أنكم