بعده ، في الفرضية المحالية للبعدية ، فلا بد من أن يكون هو الآخر بعد كل شيء ، (وَالظَّاهِرُ) لأنه الذي يمنح الأشياء كل ما يمنحها الظهور ، فكيف يمكن أن يكون هناك شيء أظهر منه (وَالْباطِنُ) الذي يسيطر على عمق الأشياء في كل عناصرها الداخلية الخفية ، وليس هناك ما ينفذ إلى مواقع السر العظيم في ذاته وفي صفاته وأفعاله.
(وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فلا يخفى عليه شيء من خلقه مهما كان دقيقا أو خفيا ، لأنه هو الذي ركب في كل شيء سره ، وأعطى كل موجود خلقه ، وبث في كل مواقع الوجود خفايا عناصرها ، فكيف يجهل ما فيها من خفايا وأسرار؟!
* * *
الله المطلق في كل شيء
وإذا كانت الكلمات القرآنية تتحدث عن صفات الله في أوليته وآخريته وظهوره وبطونه ، فإن الحديث لا ينطلق من مواقع الزمان والمكان ، ولا من حدود الأشياء التي تجعل للأول حدا وللآخر حدا ، وللظهور والبطون مواقع في طبيعة الأشياء ، فإن الله هو المطلق في كل شيء يتصف به ، بينما تعيش المخلوقات الأخرى ، من حية ونامية وجامدة ، حدودها الخاضعة للفواصل في حدود الزمان والمكان.
* * *