وبقول المنافقين ، كمثل الذين من قبلهم من المشركين ، الذين جاؤوا إلى بدر لمقاتلة المسلمين.
(ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ) فكانت الغلبة عليهم من المسلمين ، وقيل إن المراد بهم هم بنو قينقاع ، في ما رواه ابن عباس ، من أنهم نقضوا العهد بعد رجوع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من بدر ، فأمرهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يخرجوا ، وقال عبد الله ابن أبي : لا تخرجوا فإنيّ آتي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فأكلمه فيكم أو أدخل معكم الحصن ، فكان هؤلاء في إرسال عبد الله بن أبيّ إليهم ثم ترك نصرتهم ، كأولئك (١) (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) في الآخرة.
* * *
كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر
(كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ) وذلك هو مثل المنافقين الذين يضللون الناس في وعودهم الكاذبة حيث يثيرون الكثير من الأحلام والأوهام ، حتى يخيل لهؤلاء الناس أن المنافقين يمثلون الضمانة القوية في ما يعدون أو يتحدثون ، فيندفعون إلى ما أثاروه في أحلامهم وأوهامهم بكل ثقة وعزيمة ، حتى إذا دخلوا في دائرة اللعبة النفاقية ، واجهتهم الحقيقة بأن كل تلك الوعود سراب ، ورأوا أن المنافقين يبتعدون عنهم وعن تحمل مسئوليتهم ويتبرءون من علاقتهم بكل ما يحدث لهم ، لأنهم يخافون من الأخطار المترتبة عليهم من خلال ذلك.
وهذا هو الأسلوب الشيطاني في علاقته بالإنسان ، فإنه يزين له الكفر بمختلف الوسائل التي يملكها في إثارة الشبهات حول الإيمان ، وفي تأكيد
__________________
(١) مجمع البيان ، م : ٥ ، ص : ٣٩٦.