في أجواء السورة
في هذه السورة حديث عن طبيعة العلاقات الواقعية بين المؤمنين والكافرين ، في جانبها النفسي والعملي ، حيث يوجه الله النداء للمؤمنين أن لا يتخذوا أعداء الله وأعداء المسلمين أولياء ، في ما تعنيه الولاية من المودة القلبية ومن الدعم العملي ، لأن ذلك يمثل السذاجة في فهم مسألة الصراع ، كما يسيء إلى طبيعة الموقف القوي الذي ينبغي للمؤمنين أن يتخذوه في قضية المواجهة بين الكفر والإيمان.
ومن جهة أخرى ، فإنه يسيء إلى عمق الروحية الإيمانية في شخصية المؤمن في علاقته بالله التي تفرض عليه أن يوالي أولياء الله ويعادي أعداءه ، لأن مسألة العقيدة لا تمثل حالة ذهنية منعزلة عن حركة الموقف ، بل تمثل الأساس في تحديد الموقع على مستوى الموقف والعلاقات ، مما يجعل من مسألة التمايز في الخطوط والمواقف مسألة متصلة بالنتائج العملية الكبيرة على صعيد تأكيد الواقع وتثبيته وتقويته وعلوّ درجته لمصلحة الإيمان. فإذا كان الإيمان بالله يجسد الأساس لدى الإنسان في الفكر والروح ، فلا بد من أن يكون منعكسا بطريقة سلبية على أعداء الله ، وبطريقة إيجابية بالنسبة إلى أوليائه.
وليست المسألة هي مسألة انفصال الإنسان المؤمن كليا عن غير المؤمنين