الإيمان عهد بين الله وبين عباده
(وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) فإن الإيمان بالله عهد بين الله وبين عباده ، لأن الالتزام بالتوحيد في قاعدته الفكرية يفرض الالتزام بالحركة في خطه والاستقامة على دربه ، في قاعدته العملية في السير على هدى الشريعة في أحكامها ومنهج العقيدة في وسائلها وأهدافها. وعلى ضوء ذلك ، قد يحتاج الإنسان المؤمن إلى وعي المسألة في معنى الميثاق الإيماني ، ليمنعه ذلك من إعطاء أيّ ميثاق لأي إنسان أو جهة ، في أيّ التزام بعيد عن التزام الإيمان الفكري ، لأن ذلك يعني الخيانة للميثاق والنقض للعهد ، لأن القضية ليست من القضايا الجزئية التي تتجمد في زاوية معينة من زوايا الفكر أو مواقع العمل ، بل هي من القضايا الكلية التي تستوعب الحياة كلها في معناها الحركي في وجود الإنسان.
* * *
الله يخرج عباده من الظلمات إلى النور
(هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) فليس
القرآن مجرد كلمات وآيات تمنح الإنسان المفهوم الذي يختزنه العقل كنظرية ترقد إلى جانب النظريات الكثيرة التجريدية ، بل هو نور يشرق في العقل ليدفعه بعيدا عن ظلمات الفكر ، وشعاع ينفذ إلى الشعور ليبعده عن ظلمات العاطفة المنحرفة ، وينطلق إلى الحياة ليتحول إلى شعلة تضيء للسائرين في الظلمات دروبهم إلى الخط المستقيم.