وهكذا يريد الله للقرآن أن يكون شمسا فكرية وروحية وشعورية في حياة الإنسان المعنوية والحركية ، تماما كما هي الشمس التي تضيء للكون كهوفه وزواياه ودروبه لتقتحم كل ظلام الليل. وبذلك ، فلا بد للعاملين في الحقل التربوي من أن يحركوا القرآن بطريقة تجعل منه حالة إشراقية في عقل الإنسان ووجدانه ، وروحه وشعوره ، وذلك من خلال الأساليب المليئة بالحيوية التي تنفذ إلى الروح ، كما تتحرك في العقل وتطرد الكثير من الشبهات والأضاليل التي تسيء إلى وضوح الرؤية الأشياء وتمنع الأجواء الضبابية التي تبعد الإنسان عن وعي الرسالة والرسول ، (وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) فتتحرك رأفته لتشرق في حياتكم روحا وحبا وحنانا ، كما تنطلق رحمته لتضيء لكم دروب الحياة الطبية الحرة الكريمة الواعية السائرة في خط الاستقامة في رحاب الله.
* * *
الحث على الإنفاق في سبيل الله
(وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) وما الذي يمنعكم من ذلك ، فهل تتصورون أنكم إذا بخلتم وامتنعتم عن الإنفاق فسيبقى المال لكم ، وهل تبقون أنتم في خلود الحياة؟ لو فكرتم في الموضوع بطريقة واقعية فستعرفون أنكم ستموتون ، وأن المال سيترككم أو تتركونه ، لأن الله وحده هو الباقي وأنتم الزائلون ، (وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فهو الذي يرث الأرض ومن عليها ، كما يرث السماوات وما فيها ومن فيها ، ولذلك فلا بد من تعميق الصلة بالله ، بالعمل بما يحبه ويرضاه ، وبالابتعاد عما يسخطه ويرفضه. وإذا كان الإنفاق في سبيل الله سببا لرضاه ، فلما ذا يمتنع الناس عنه ، وهو الذي يبقى لهم ذخرا عند الله عند ما يتركون الحياة ، أو تتركهم الحياة. وإذا أراد الإنسان أن يختار الإنفاق ، انطلاقا من إيمانه ، واقتناعا بنتائجه الأخروية ، فعليه أن يدرس طبيعة