الظروف التي يختار فيها العطاء ، فهناك حالات يمثل فيها الواقع وضعا صعبا في حاجة الإسلام والمسلمين إلى المال ، بحيث ترتبط به مسألة النصر في مواجهة الأعداء ، من خلال الحاجة إلى السلاح والأمور التي تتصل بحاجات المقاتلين في أنفسهم وأهليهم ، وهناك حالات لا تمثل أية مشكلة في ما هي الضرورة الملحة إلى المال ، لأن المسلمين يعيشون في ظروف عادية أو ممتازة ، بحيث لا يمثل الإنفاق حاجة عامة. ولذلك كان هناك فرق كبير بين الذين يختارون الإنفاق في الحالات الصعبة ، وبين الذين يختارونه في الظروف العادية.
* * *
الإنفاق في ساحات الجهاد
وكما هو الإنفاق المالي ، نلتقي بالتضحية في ساحات الجهاد ، فهناك الناس الذين يجاهدون ويقاتلون في ظروف التحديات الكبيرة التي يواجه فيها المسلمون الحصار ، ويعيشون فيها بعض حالات الضعف ويعملون على تحويلها إلى حالات قوة ، مما يجعلهم بحاجة إلى العناصر البشرية المجاهدة المقاتلة. وهناك الناس الذين يتقدمون للقتال في الظروف العادية التي استطاع فيها المسلمون الوصول إلى مراكز القوة من خلال الفتح الكبير الذي مهد لهم سبيل السيطرة على الواقع كله ، وهذا ما جاءت به الفقرة التالية من الاية (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا) لأن هناك فرقا كبيرا بين الذين يجاهدون وينفقون في الظروف الصعبة القاسية التي كان الإسلام فيها يعاني من قلة العدد والعدة ، في مواجهة القوة الكافرة التي كانت تتميز بكثرة العدد والعدة ، وبين الذين يجاهدون بعد الفتح