الكتاب وعنه أستعير انفض القوم (١).
* * *
صلاة الجمعة والسعي إلى ذكر الله
وهذا نداء قرآني يحمل المسلمين حضور صلاة الجمعة التي أرادها الله أن تكون صلاة جامعة ، يلتقي فيها الناس في منطقة واسعة تمتد إلى فرسخين ، على عبادة الله المنفتحة على المفاهيم الإسلامية العامة التي يقف الخطيب ليؤكدها للناس في ما تحتاجه دنياهم وآخرتهم مما يهتمون به ، أو مما ينبغي الاهتمام به ، وذلك في خطبتين تقومان مقام ركعتين ، مما كان يؤديهما المؤمن في صلاة الظهر بدلا عن الجمعة ، لأن صلاة الجمعة ركعتان تسبقهما خطبتان ، مما يوحي بأن الحديث الوعظي والتوجيهي ، حتى في المجالات السياسية المتصلة بحياة المسلمين يمثل لونا من ألوان الصلاة حتى أنه يكون بديلا عنها. وقد أكد الله على هذه الصلاة ، كما لم يؤكد على صلاة غيرها ، بحيث ألغى الأعمال الأخرى التي تعيق المؤمن عن حضورها ، إلا ما كان يدخل في نطاق الضرر أو الحرج أو الاضطرار ، مما رفع الله مسئوليته عن المكلف ، فحرم البيع في وقت النداء إليها. (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) في استثارة وجدانية لعمق الإيمان في وجدانهم ، ليتحملوا مسئولية فرائضه في التزام ثابت لا تختل مواقعه أمام أية حالة من حالات الاهتزاز الداخلي والخارجي ، وذلك من جهة الإلحاح على استعادة هذه الصفة في شخصيتهم ، وتحريكها في حياتهم ، لئلا تشغلهم الأوضاع المحيطة بهم ، والصفات الأخرى الطارئة على حياتهم عن ذلك.
(إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) لإقامة هذه الصلاة في جموع
__________________
(١) مفردات الراغب ، ص : ٣٩٥.