المسلمين ، ليلتقوا جميعا ـ باسم الله ـ في عبادة الله المنفتحة على قضايا الحياة العامة ، (فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ) والمراد به الصلاة التي تمثل التجسيد الحي المتحرك لذكر الله في حركاتها وسكناتها وقراءتها وأذكارها ، وقيل : إن المراد به الخطبتان قبل الصلاة ، باعتبار أنهما تشتملان على ذكر الله ، وعلى تذكير الناس به وبموقعهم منه ، (وَذَرُوا الْبَيْعَ) فقد حرمه الله ، لأن القضية في هذا الوقت هي أن يلتقي المسلمون جميعا في عبادة جماعية لا في عبادة فردية ، ليأخذوا الرخصة في الانفراد بها بعيدا عن جماعة المسلمين.
وإذا كان الله قد نهى عن البيع وقت النداء لأنه يمنع المؤمن من الصلاة ، فإن معنى ذلك أن النهي يشمل كل عمل مماثل للبيع في هذه الجهة. وربما كان ذكر البيع بخصوصه ، باعتبار أنه الغالب على الناس آنذاك في ما يشغلهم أمره عن الصلاة. (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) لأن النتائج الروحية والعملية التي تحصلون عليها من خلال هذه الصلاة العبادية الثقافية المنفتحة على الجانب الاجتماعي والسياسي ، لا تقدر بثمن ، بحيث لا قيمة لما يربحه الإنسان من الأعمال الأخرى التي ينشغل بها عن الصلاة ، أمام الربح المعنوي والمادي الذي يحصل عليه في الحاضر والمستقبل ، من خلال النتائج الواقعية للصلاة على أكثر من صعيد.
* * *
الانتشار لطلب الرزق
(فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ) لتطلبوا الرزق في سهولها وجبالها من كل مواقعه ، (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ) الذي تفضل على عباده فتكفل برزقهم ، في غامض علمه ، من حيث يحتسبون ومن حيث لا يحتسبون. وفي هذا نوع من الإيحاء الروحي بأن مصادر الرزق كلها بيد الله ، وأن الإنسان الذي