ما عند الله خير من اللهو والتجارة
(قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ) فإن اللهو لا يلبث أن يفقد أثره في النفس وفي الواقع في لحظات أو في ساعات ، أما التجارة فإنها قد تحقق بعض الربح ، ولكنها قد لا تحقق شيئا في ظروف معينة ، لأن مجرد المبادرة إلى مواضعها ليس كل شيء في ما هي النتيجة الحاسمة للربح ، بل قد تكون هناك مؤثرات أخرى ليست بيد الإنسان مما يتصل بظروف السوق والشخص الآخر والأجواء العامة ، مما يملك الله أمره في ما يملكه من قلوب الناس التي يحولها ويقلّبها كيف يشاء ، أو في ما يهيمن عليه من ظروف الواقع التي يبدلها كما يريد وذلك من خلال الخطة التي وضعها لتوزيع الرزق على عباده عبر الأسباب الاختيارية وغير الاختيارية ، الأمر الذي يفرض على المؤمن الاعتماد عليه وحده لا على الآخرين ممن يحتاجون إليه ويقفون ببابه.
(وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) لأن كل الذين يعتبرهم الناس رازقين بالمباشرة ، هم المرزوقون الذين يستمدون رزقهم من الله الذي هو الرازق الحقيقي للكون كله ، وكل من عداه ، وما عداه ، فهو صدى لإرادته. ولذلك فإن معنى التفضيل في كلمة «خير» لم يأت للمفاضلة في ما هو القاسم المشترك في الحقيقة ، ولكن في ما هو الظاهر في النظرة الساذجة للموضوع ، التي تكتفي بالسطح ، ولا تنفذ إلى العمق ، لأنه هو وحده عمق الوجود كله وسره ومعناه.
* * *