لإبعاد المؤمنين المحيطين بالرسول عنه ، وذلك بالإيعاز إلى الأغنياء الذين ينفقون على المهاجرين أو غيرهم من المسلمين المستضعفين ليمتنعوا عن الإنفاق عليهم ، ولكن الله سبحانه يرد على هؤلاء بأن الله لم يجعل مصادر الرزق الذي يمد به عباده المؤمنين محصورة في مورد خاصّ ، أو في جماعات معينة ، ليعيشوا المشكلة القاتلة في حياتهم العامة عند ما يغلق عنهم هذا الباب أو ذاك.
(وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) التي تتسع للخلائق كلهم ، فلا تضيق عن أحد ، ولا تنفذ مواردها مهما امتدت في موارد الحياة كلها ، وتلك هي الحقيقة الإيمانية التي تفرضها الألوهية المطلقة المهيمنة على الأمر كله ، وعلى الخلق كلهم. (وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ) لاستغراقهم في عقدة النفاق التي تحجب عنهم حقائق العقيدة والحياة ، فلا يملكون الانفتاح على الله في آفاق غناه وقدرته المطلقة.
وقد نستوحي هذا الموقف في جميع المواقع التي يهدد فيها الكثيرون من الكافرين والظالمين ، العاملين والمجاهدين بالضغط الاقتصادي ، كعقوبة على بعض المواقف الإسلامية والجهادية التي يقفونها في ساحات العمل والجهاد ، فقد ينبغي للمؤمنين الواعين أن يستلهموا من العقيدة هذا الموقف الإيماني الحاسم ، ليواجهوا كل الضغوط وكل التهاويل المحيطة بهم ، بالارتفاع إلى مستوى الثقة بالله الذي تكفّل لعباده بالرزق من حيث لا يحتسبون ، من خزائن رزقه التي لا تنفد ولا تضيق عن سؤال أحد ولا حاجة أحد.
* * *
المدينة ... واستكبار المنافقين
(يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ) وتلك مقالة