قوله (لا يَعْلَمُونَ) (١).
* * *
الرسول يعالج المشكلات بالأسلوب الإسلامي
وقد نلاحظ في هذه القصة صلابة الأنصار الذين كانوا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، في رفضهم الخضوع للإثارة العاطفية التي حاول عبد الله بن أبي أن يثيرهم بها ، في تحريك العصبية ضد المسلمين من المهاجرين ، كوسيلة من وسائل إيجاد خلل عميق في المجتمع الإسلامي ، كما نلاحظ موقف زيد ابن أرقم الشاب في شجاعته الأدبية أمام هذا المنافق الكبير بالرغم من تفاوت السنّ بينهما ، في دلالة ذلك على روح التمرد الإيمانية التي تتجاوز كل الأعراف في الوقوف ضد الأساليب النفاقية.
وهكذا نقف بكل تقدير وإعجاب أمام موقف ولده عبد الله الذي استعد ليقتل والده بأمر رسول الله ، إذا كان له أمر بذلك ، لئلا يقتله مسلم آخر ، فيتعقد ضده بفعل النوازع النفسية العاطفية الطارئة التي يمكن أن تحدث له ، بفعل عوامل الإثارة ، ثم تأكيده الحاسم على منع أبيه دخول المدينة إلا بإذن من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ليثبت له وللناس أن الرسول وحده هو الذي يملك الأمر كله ، فلا يملكه أحد غيره ممن قد تسول له نفسه أن يجد في نفسه موقعا للقوة ، أو يرى في موقعه موقعا للعزة المميزة على الرسول وعلى المسلمين.
ثم نلاحظ في أجواء الأسلوب الرسالي الذي عالج به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم المسألة كيف أثار القضية معه ليدفعه إلى تكذيب نفسه أمام الجماهير ، وليستثير احتجاج المسلمين الآخرين ، لإبعاد المسألة عن تأثيراتها المحتملة في داخل المجتمع بفعل العصبية الطارئة ، ثم كان موقفه العفو العملي عنه ، وتوجيه ولده
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٩ ، ص : ٢٩٥ ـ ٢٩٦ ـ ٢٩٧.