الإنفاق مما رزق الله
(وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ) للمحرومين الذين جعل الله رزقهم في أيديكم ، وحمّلكم مسئولية الإنفاق عليهم من موقع الحق تارة ، ومن موقع الإحسان أخرى ، وجعل لكم ثواب ذلك رضوانه ، (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) فتفوته الفرصة الذهبية التي يستطيع أن يحصل بها على خير الدنيا والآخرة ، فيلتفت إلى الزمن الضائع التفاتة حسرة وخوف ، وتتحرك تمنياته غير الواقعية في وجدانه (فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) لتكون تلك هي الفرصة الأخيرة التي تمنحني إياها ، لأنطلق إليك منها من خلال روحية العطاء وصلاح العمل ، ليكون ذلك هو الوجه الذي ألقاك فيه.
(وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها) فتلك أمنيات الحمقى الذين يعيشون مع الأجواء المستحيلة المستقبلية ، بعد أن يكونوا قد أضاعوا الواقع الذي كان مفتوحا أمامهم بكل سعته وامتداده ، فقد أراد الله للعمر الإنساني المحتوم أن يقف عند حدود الأجل من دون أن يمنح أي إنسان فرصة لامتداده إلى أبعد من ذلك ، (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) في طبيعة الظروف الضاغطة أو في الأجواء التي تفرض القيام بهذا العمل أو ذاك ، أو في الاختيارات الذاتية التي تتحرك من خلال العقد النفسية أو الشهوات الغريزية أو المنافع المادية ، فيعطي كل إنسان جزاء عمله تبعا لخلفيات العمل وظروفه ، وبذلك لا بد للإنسان من دراسة حساباته بكل دقة ومسئولية.
* * *