في أجواء السورة
وهذه سورة مدنية تتصل فيها النظرة الإنسانية بالجانب العقيدي في التصور الشامل للإيمان بالله في سعة قدرته ، وشمول ملكه وحاجة الإنسان إليه في وجوده وفي حركته ، وإحاطته بكل أموره السرية والعلنية ، ثم تطل السورة على اليوم الآخر ، لتوجه الناس إلى الاهتمام بالمصير المحتوم الذي تحدده أعمالهم في الدنيا ، من خير أو شر ، ولتؤكد الحقيقة الكونية الإلهية في أن الأشياء كلها ، في ما يصيب الإنسان ، وفي ما تختزنه الحياة من مشاكل في داخلها ، لن تحصل بعيدا عن التقدير الإلهي ، لأن الله هو المهيمن على الأمر كله في ما قدره للحياة من نظام وتدبير ، فليتوكل المؤمنون عليه ، وليسألوه الهداية من موقع إيمانهم العميق ، وليطيعوه من موقع حاجتهم إليه ، ومن قاعدة المصلحة التي تكمن في طاعتهم له ولرسوله ، في ما تخطط لهم الرسالة في مضمون أوامر الله ونواهيه ، لأن الله لم يأمر إلا بما فيه الصلاح لعباده ، ولم ينه إلا عما فيه المفسدة لهم.
وإذا كانوا يلتزمون الخط الإلهي في مواقع العقيدة والعمل ، فلا بد لهم من أن ينفصلوا عن كل شيء يبعدهم عنه ، مما يتصل بالعاطفة في ما يرتبط به الإنسان في علاقته بزوجته وولده ، أو في ما يتصل بالرغبة في علاقته بماله ، فقد يكون في الأزواج والأولاد أعداء له في الذات أو في الدين ، وقد يكون في