وينطلق النداء من الله ، لهذه المجموعات النورانية التي عاشت في نور الإيمان ، وتحركت في هداه ، وعاشت نتائجه الروحية المشرقة في الآخرة. ويأتي النداء في انسياب الروح الفياضة بالخير والحب والعطاء (بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) فهذا هو الثواب الإلهي المنطلق من رحمة القيامة إشراقا من خلال روحيتهم المنفتحة على محبة الله ، فأعطاهم النعيم الخالد في جنته ليستريحوا من عناء الجهد الذي بذلوه في ما جاهدوا به أنفسهم في مواجهة الانحراف ، وفي ما جاهدوا به الكفر والظلم والاستكبار في مواجهة التحدي الكافر والظالم والمستكبر ، ولينعموا بالحياة الجديدة في رعايته وعنايته من دون جهد أو تعب أو عذاب (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) الذي يمثل النجاح الذي لا فشل بعده ، والخير الذي لا شرّ معه ، والفرح الذي لا حزن معه.
* * *
حال المنافقين يوم القيامة
(يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ) الذين عاشوا في ظلمات النفاق الذي أدخل الروح في عتمات القلق والحيرة والضياع ، عند ما أبعد هؤلاء الناس عن خط الاستقامة التي تلتقي بالشروق القادم من خلال الإيمان بالله ، وبذلك عاشوا الازدواجية بين ما هو الباطن الغارق في الكفر والبغي والانحراف وبين ما هو الظاهر الذي قد ينطق بكلمات الإيمان والعدل والاستقامة ، مما يجعله يختبئ في داخل نفسه تارة حتى يستغرق في ضلاله ، ويخشى من قلقه في ظاهر حركته أخرى ، خوفا من أن يظهر عليه ما ينمّ عن واقعه ، الأمر الذي يقوده إلى ظلام