بحيث يخشع قلبه أمام ذكره كما تخشع جوارحه. بينما تمثل هذه الآية استيعاب كل موارد الطاقة ، مما يجعل النظر فيها إلى الكم ، بينما تؤكد تلك الآية على النوع ، والله العالم.
(وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا) فالسمع يفيد هنا الاستجابة الروحية والقلبية لأوامر الله ونواهيه ، أي على الصعيد الداخلي ، والطاعة تشكل التعبير الحي للانقياد العملي ، في حين أن الإنفاق هنا يمثل بذل المال في سبيل الله.
وهذا هو المظهر الحي للتقوى. (خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ) قال في الكشاف : «نصب بمحذوف تقديره : ائتوا خيرا لأنفسكم وافعلوا ما هو خير لها وأنفع» (١) ، ويحتمل أن يكون «أنفقوا» متضمنا معنى قدموا أو ما يقرب منه بقرينة المقام.
وقد جاء هذا التأكيد للإيحاء بأن الجهد الذي تبذلونه في الالتزام القلبي والعملي ، والتضحية التي تقدمونها في بذل المال في سبيل الله ، لا يمثل شيئا من الخسارة في ما يمكن أن توحي به إليكم وساوسكم الشيطانية ، لأن الثواب الذي تحصلون عليه من الله ، والسمو الروحي الذي ترتفعون إليه في ذلك ، يمثل الربح كل الربح ، والفوز العظيم.
* * *
البخل مانع من الخير
(وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الشح : البخل ، وهو الصفة الذميمة التي إذا عاشت في وجدان الإنسان منعته عن كل خير ، في ما يريد الله
__________________
(١) الزمخشري ، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر (الخوارزمي) ، الكشّاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ، دار الفكر ، ج : ٤ ، ص : ١١٦.