(قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً)
(قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) فقد خلق الكون كله ، وجعل له نظامه الدقيق المحكم المتوازن المتكامل في كل معطيات الوجود ، بحيث كان لكل شيء حد في الزمان والمكان والحركة والغاية ، مما يفرض أن الحدود إذا بلغت مداها ، فلا بد من أن تحقق نتائجها بإذن الله. ولكن لا بد لنا من أن نفكر بأن هناك نوعين من الأسباب في ما تتحرك به حياة الإنسان : فهناك الأسباب الظاهرة التي تنفتح عليها المعرفة الإنسانية في طبيعتها وفي حدودها ، في ما يخضع له جانب اليأس والأمل عند ما تتجمع لديه أو تبتعد عنه ، وهناك الأسباب الخفية التي تندرج في عالم الغيب الذي لا يطلع عليه إلا الله. فإذا ضاقت الأسباب الظاهرة لدى الإنسان ، فإن عليه أن يتطلع إلى الله ليرجو منه حل المشكلة من خلال ما يعلمه في غامض علمه من شؤون الأسباب والمسببات ، ليبقى مشدودا إليه في كل أموره الظاهرة والخفية ، فلا ييأس من روحه في كل لحظة من لحظات الوعي الإيماني الخاشع بين يديه.
* * *
وقفة تأملية أمام الآية
وقد نلاحظ في وقفة تأملية أمام هذه الآية أنها تؤكد للإنسان المؤمن عدة نقاط في حركة حياته :
١ ـ الشعور الدائم بأن الله لا يخذله في ما يواجهه من صعوبات الحياة ، فلا يضيق به موقف ، ولا ينغلق عنه باب ، بل يبقى متقدما منطلقا نحو الفرصة