في موضعه ، ويقدر لكل حدث قدره ، على مستوى الظواهر الكونية أو الظواهر الإنسانية ، فيدفعه ذلك إلى التعرف على أسرار الحياة ، ليشعر بالثبات في كل حركة الظواهر في قوانينها العامة ، فلا يعيش في أجواء الضياع والقلق والحيرة والعبثية ، في ما يتحدث به الذين يسقطون أمام مصائب الحياة ومشاكلها.
* * *
مع صاحب الميزان في مضمون الآية
وقد حاول صاحب تفسير الميزان أن يستفيد من الآية في النظر إلى إطلاقها في نفسها مع الغض عن سياقها ، معنى قريبا من المعاني العرفانية الفلسفية فقال في قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) مفاده أن من اتقى الله بحقيقة معنى تقواه ، ولا يتم ذلك إلا بمعرفته تعالى بأسمائه وصفاته ، ثم تورعه واتقاؤه بالاجتناب عن المحرمات وتحرز ترك الواجبات خالصا لوجهه الكريم ، ولازمه أن لا يريد إلا ما يريده الله ، من فعل أو ترك ، ولازمه أن يستهلك إرادته في إرادة الله ، فلا يصدر عنه فعل إلا عن إرادة من الله.
ولازم ذلك أن يرى نفسه وما يترتب عليها من سمة أو فعل ملكا مطلقا لله سبحانه يتصرف فيها بما يشاء ، وهو ولاية الله ، يتولى أمر عبده ، فلا يبقى له من الملك بحقيقة معناه شيء إلا ما ملّكه الله سبحانه ، وهو المالك لما ملكه ، والملك لله عز اسمه.
وعند ذلك ينجيه الله من مضيق الوهم وسجن الشرك بالتعلق بالأسباب الظاهرية ، (يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) أما الرزق المادي ، فإنه كان يرى ذلك من عطايا سعيه ، والأسباب الظاهرية التي كان يطمئن إليها