(وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ) أي تشاوروا في مسألة تحديد أجر الرضاعة بحيث يأمر بعضكم فيه بعضا ، فلا يتضرر الرجل بزيادة الأجر الذي يدفعه ، ولا المرأة بنقصانه عن القيمة الواقعية ، ولا الولد بنقصان مدة الرضاع أو كميته (وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ) بحيث فرض كل فريق على الآخر قيمة مرتفعة فلم يصل الأمر إلى توافق بينكم ، أو أصرّت المرأة الأم على أجر مرتفع لا يقبل به الأب لزيادته عن الحد الطبيعي ، (فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى) أجنبية غير والدته ، إذا رضيت بأجر معقول.
(لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ) فهذا هو الخط العام في حدود الإنفاق الواجب على الرجل في المال الذي يقدمه للمطلقة المرضعة لولده. (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ) بحيث كانت أحواله المادية ضيقة ، لا تسمح له بالتوسعة عليها (فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ) أي مما أعطاه الله.
* * *
(لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها)
(لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) لأن الله إنما أنزل تكاليفه على العباد لتطاع ، وليكون الانبعاث عنها أمرا ممكنا ، أو قريبا من الطاقة الإنسانية العادية ، فإذا كان مستحيلا ، كان عبثا أو ظلما ، لأن العقاب على ترك امتثاله ، يكون عقابا على غير أساس من العدل ، وإذا كان حرجا أو شاقا ، كان بعيدا عن اليسر الذي تنفتح النفس له وتقبل عليه ، مما يجعل من امتثاله أمرا لا يتفق مع لطف الله بعباده ، وعلى هذا الأساس فلا يكلّف المطلّق الإنفاق على المطلّقة بأكثر مما تتحمله طاقته المادية ، وعليها أن تنتظر اليسر في أموره بالاعتماد على الله الذي يغيّر أمور عباده من حال إلى حال ، (سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً)