(نُكْراً) : النكر الدهاء والأمر الصعب الذي لا يعرف. وفي المجمع النكر : المنكر الفظيع الذي لم ير مثله (١).
* * *
جولة وعظية في رحاب التاريخ
وهذه جولة وعظيّة في رحاب التاريخ ، وانطلاقة توجيهية في أجواء الحاضر والمستقبل ، في السير على خط الله ورسوله الذي يفتح العقل والقلب والحياة على إشراقة النور المتفجر من أعماق الوحي ، لتنتهي المسألة إلى الجنة التي وعد الله بها المتقين ، ولتبقى مع الله الذي خلق الكون كله.
(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ) أي استكبرت عن الخضوع لله في إطاعة أمره ، والمراد بالقرية ، أهلها ، في ما تختزنه من معنى المجتمع الذي يعيش فيها ، (فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً) في ملاحقة كل مفرداتها العملية ، في ما كان الأنبياء يحدثونها عن ذلك ، وعن النتائج الصعبة التي تنتظرهم من خلال كفرهم وعصيانهم ، فلم يخضعوا للحساب ، ولم ينتبهوا له ، ولم ينفتحوا على المشاكل التي تحيط بهم في ساحته. (وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً) لا يطيقه الذين يشاهدونه في ما يتعرفون إليه من قسوته وصعوبته ، بالمستوى الذي يؤدي إلى هلاكهم واستئصالهم ، (فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها) في ما قامت به من العتوّ والاستكبار ، حيث لاقت الجزاء القاسي ، (وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً* أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً) ، وتلك هي الخسارة الكبيرة التي وقع فيها هؤلاء كنتيجة لسوء سلوكهم واختيارهم.
(فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ) الذين تفكرون بعقولكم لتكتشفوا وجه الحق من الباطل ، والخطأ من الصواب (الَّذِينَ آمَنُوا) فانطلقوا مع الإيمان بمنطق الفكر
__________________
(١) مجمع البيان ، م : ٥ ، ص : ٤٦٥.