تحليل الله للنبي ما حرمه على نفسه
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) من بعض مشتهياتك الذاتية ، مما ترتاح له نفسك ، فتزداد قوة على ممارسة مسئوليتك ، لأن الإنسان المسؤول قد يرتاح إلى بعض صفاء الفكر وراحة الجسد في حياته الخاصة ، مما يجعل من الضغط النفسي مشكلة له على المستوى الشخصي والعام. وقد كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم رفيقا بمن حوله ، بحيث كان يضغط على نفسه لحساب راحة الناس المحيطين به ، لأنه كان الرؤوف الرحيم في أخلاقه الكريمة. ولهذا أراد الله أن يخفف عنه ذلك ، فخاطبه خطابا يشبه عتاب الحبيب للحبيب ، متسائلا : لماذا تحرّم على نفسك ما أباحه الله لك ، (تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ) في ما كنت تريده من إدخال السرور عليهن ، ولو على حساب أعصابك؟ وربما كان التحريم الذي صار سببا للحرمة ، كان ناشئا من الحلف على ترك ما لا تريده بعض أزواجه مما يوجب الإلزام بالترك على أساس وجوب التقيد باليمين. ومن هنا ، جاءت هذه الآية لتحلّه منه بمقتضى تحليل الله له ، فلا إثم في الحنث به. (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فهو الذي يفتح مغفرته ورحمته لعباده ليمنحهم رضوانه ، سواء كان ما فعلوه مما حرّمه عليهم ، أو مما حرموه على أنفسهم باليمين ونحوه ، أو بالالتزام الذاتي بالترك لما أباحه لهم.
(قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) في ما جعله لكم من أسباب التحليل العامة والخاصة ، فجعل لكم أن تتحللوا منها لتأخذوا حريتكم في ترك ما التزمتم فعله ، أو في فعل ما التزمتم تركه ، بالوسائل التي جعلها في متناول أيديكم. (وَاللهُ مَوْلاكُمْ) الذي يتولى أموركم ، ويسير بكم إلى مواقع النجاح من خلال التشريع الحكيم والهداية القويمة. (وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) الذي يعرف كل ظروفكم وأسراركم ومواضع صلاحكم وفسادكم ، ويتصرف في أموركم بحكمته ، في ما