وعن مسئوليته ، وعن ساحته الخاصة المتصلة بالساحة العامة ، لا سيما إذا كانت القضية متصلة بحالته النفسية التي تتأثر بها حركة الرسالة في حياته.
وقد نجد في الحديث عن نقاط الضعف لبعض أمهات المؤمنين ، أن صفة الزوجية للنبي لا تمنع من التأكيد على الجانب الشخصي من حياتهن بالطريقة التي تخضع فيها للنقد ، في الصفة الإنسانية الطبيعية ، وفي قيمة الالتزام الرسالي ، من خلال السلوك الشخصي ، بالمستوى الذي يوحي بأن الصفة لا تمنحهن امتيازا يعفيهن من المسؤولية ، بل يفرض عليهن مسئولية كبري ، أكثر خطورة من بقية النساء.
(وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً) في ما يسر به الزوج إلى زوجاته من أحاديث خاصة ، تتعلق ببعض أوضاعه الشخصية في علاقاته الذاتية أو تتعلق ببعض الأوضاع العامة. وقد جاء الحديث في السيرة أن هذه الزوجة هي حفصة. وربما أراد لها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن لا تحدّث به أحدا ، لأن المسألة المعينة فيه ، لا ينبغي أن تتجاوز الدائرة الخاصة. ولكن هذه المرأة لم تطق حمل هذا السرّ لتحتفظ به لنفسها ، فأنبأت به عائشة ، في ما تتحدث به كتب السيرة للعلاقة الحميمة فيما بينهما ، بالمستوى التي كانت إحداهما لا تخفي شيئا عن الأخرى. وربما كانتا تتعاونان على بعض التصرفات المشتركة التي تتصل بإدارة أوضاعهما الخاصة في مقابل الزوجات الأخريات ـ كما تتحدث عن ذلك بعض أحاديث السيرة النبوية الشريفة ـ وهكذا انتقل الحديث من حفصة إلى عائشة ، (فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ) وعرّفه بذلك (عَرَّفَ بَعْضَهُ) في حسابه لها (وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ) فأهمل الحديث عنه ، (فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا) استغربت ذلك ، وربما دار في ذهنها أن صاحبتها هي التي كشفت إذاعتها للسرّ ، لأن الحديث لم يتجاوزهما ، ولم تكن تفكر أن الوحي يتدخل لتعريف النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم المسائل الخاصة التي تدور في بيته الزوجي ، لأنها من الأمور التي لا تتصل بالرسالة ، ولهذا كانت تحسّ بالأمن من انكشاف سرّها ،