(قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً)
وهذا نداء للمؤمنين الذين يريد الله منهم تفادي الآثار السيّئة للانحراف ، تماما كما أراد ذلك لنساء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فحمّلهم مسئولية أنفسهم وأهليهم أن يبتعدوا عن النار بكل الوسائل التي يملكونها.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) انطلقوا من موقع الإيمان الذي يثير أمامكم الاستعداد لليوم الآخر الذي تواجهون فيه المسؤولية أمام الله ، في ما كنتم تستطيعون القيام به من خلاص أنفسكم وأهليكم من نار جهنم ، (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) بحيث يتحول الناس فيها إلى حطب للوقود ، كما تتحول الحجارة إلى جمرات تتوهج وتشتعل وتلتهب ، (عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ) في ما يفرضه موقعهم في الإشراف على نار جهنم في مهمّات التعذيب القاسية من الغلظة والشدّة التي تضيف إلى عذاب النار عذابا آخر ، (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ) في إنزال العذاب بالكافرين والمتمردين على الله ، بفعل المؤثرات العاطفية أو غيرها ، (وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) بكل دقّة وإخلاص.
هذا هو النداء الإلهي الحاسم الصارم الذي يريد إثارة الشفقة ، كما يريد إثارة الخوف الذي يتحرك ليتحول إلى موقف. ولكن كيف تكون عملية الوقاية للآخرين من أهله ، إذا عرفنا كيف تكون الوقاية للنفس بالالتزام بالعمل ، لأن تصرفات الآخرين ليست خاضعة له؟
وقد جاءت الأحاديث المأثورة التي أثارت المسألة أمام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقد جاء في الكافي بإسناده عن عبد الأعلى مولى آل سام عن أبي عبد الله «جعفر الصادق عليهالسلام» قال : لما نزلت هذه الآية (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) جلس رجل من المؤمنين يبكي ، وقال : أنا عجزت عن نفسي وكلفت أهلي. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حسبك أن تأمرهم بما تأمر به