والذي يلحق من غيره يقال هو ضرب من الاستخفاف ومصدره الخزي .. وأخزى من الخزاية والخزي جميعا ... قال الراغب : وعلى نحو ما قلنا في خزي. قولهم : ذل وهان ، فإن ذلك متى كان من الإنسان نفسه ، يقال له الهون ـ بفتح الهاء ـ والذل ، ويكون محمودا ، ومتى كان من غيره يقال له : الهون ـ بضم الهاء ـ والهوان والذل ويكون مذموما (١).
* * *
توبة نصوح إلى الله
وهذا نداء للمؤمنين ، الذين انحرفت بهم الطريق حتى وقعوا في المعصية وامتدت بهم ، فسيطرت على مساحة كبيرة من حياتهم ، أن يعودوا إلى الله ، حتى يتوبوا إليه توبة نصوحا ، في العمق العميق من خضوعهم له ، وانفتاحهم على طاعته ، ليتقبلهم الله قبولا حسنا ، فيكفر عنهم سيئاتهم ويدخلهم جنته.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) وعاشوا معنى الإيمان العميق في إحساسهم بالحضور الإلهي الشامل في وجودهم ، وواجهوا ـ من موقع هذا الإيمان ـ الوعي المسؤول عن الموقف الذي ينتظرهم في الدار الآخرة في لحظة الحساب الحاسمة ، وعرفوا أنهم إذا أشرفوا على الموت ، وهم مستغرقون في المعصية ، ومتمردون على الله ، من دون توبة ، فسيلاقون العذاب الأليم ، وسيعيشون الحرمان الأبدي من الجنة ، فكيف تواجهون الموقف الآن ، وأنتم في وقت المهلة قبل أن يدرككم الموت ، إن الله يناديكم ، فاسمعوا نداءه.
(تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً) وهي التوبة الحقيقية التي تتحرك من الندم العميق على ما أسلفتموه من عمل لا يرضي الله ، ومن العزم الأكيد على عدم العودة إليه في المستقبل ، والتخطيط للسير في الخط المستقيم في طاعة الله.
__________________
(١) مفردات الراغب ، ض : ١٤٥.