الصور والإيحاءات والمقروءات ويؤلف بينها ، ويختزنها في أجهزته الصغيرة ويستنتج منها أفكارا جديدة ، ومعلومات جديدة. ويبقى للذاكرة دورها الكبير في إبقاء كل هذه المفردات لتكون الخزّان الذي يمد الإنسان بما يريد في حركة العلم في خط الحياة الخاصة والعامة ، الأمر الذي يبعث على الدهشة ، إذ كيف يمكن لهذه المنطقة الصغيرة التي لا تمثل شيئا في الحجم ، أن تختزن مثل هذه المعلومات التي تنطلق من عمر الإنسان كله وتحتاج إلى ملايين الأمتار من الأشرطة لتسجّل عليها ، وكيف تكون عملية الإثارة التي تفتح النافذة على ذلك كله عند الحاجة إليها ، ولقد صدق القائل وهو يخاطب الإنسان ويوحي بعظمة خلقه :
وتحسب أنك جرم صغير |
|
وفيك انطوى العالم الأكبر |
وهكذا يريد الله من الإنسان أن يكتشف ذلك كله ، ويتذكره ويعيشه ، فيتحسّس وجوده المادي الممتزج بالروح ، هذا الشيء الغامض الخفيّ الذي يتمثل في الآفاق الرائعة التي تنفتح على كل المعاني الروحية التي ترفع الإنسان إلى آفاق الله ، فيؤدي ذلك إلى طاعة الله والاستمرار في السير في خط منهجه الذي أراد للناس أن يتّخذوه منهجا لكل أوضاعهم العامة والخاصة في الحياة ، فلا ينحرفون عنه اغترارا بما يفيض عليهم من نعمه ليتصوّروا أنهم بمنجاة من عقابه ، ليتجرّأوا عليه في تكذيب رسله.
* * *
التكذيب بالدّين لا يلغي حقيقة الوحي
(كَلَّا) إن الله يرفض هذا الاغترار بالله الذي يدفع الإنسان إلى الجرأة عليه (بَلْ تُكَذِّبُونَ (١) بِالدِّينِ) فتلك هي مشكلتكم التي تدفعكم إلى هذا الجوّ من اللامبالاة ، بما يلقى عليكم من وحي الله ، وبما يبلغكم به رسول الله ، وبما