بمسؤولية ، أو الفجور في العمل ، المتمثل في التمرد على أوامر الله ونواهيه. وهذا هو الجزاء الذي يتناسب مع هذا العمل الذي يلتقي مع سخط الله على أصحابه ، مما يجعلهم بعيدين عن مواقع رحمته ، وقريبين إلى مواقع غضبه في ساحة الجحيم ، (يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ) فيحترقون بنارها ، ويتقلّبون في عذابها (وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ) فهم حاضرون لديها دائما فلا يخرجون منها في أيّ حال.
* * *
لا تغفلوا عن يوم الدين
(وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) في طبيعته وهو له وشدّته ودقة الموقف ووضوح الأمور فيه ، وانكشاف السرائر في ساحته ، وتناثر المقامات فيه ، وتصاغر كل عظمة لأيّ عظيم في الدنيا لديه ، إلا الذي كانت عظمته مستمدة من الله.
(ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) فهل تتصور النتائج الكبيرة الحاسمة المتصلة بمصيرك؟ وهل تعرف كيف يضغط عليك تاريخك ليحدّد لك مواقعك هناك؟ ربما كنت في غفلة مطبقة على عقلك ، في ما تعيشه من جوّ الاستهانة به ، فقد تفكر أن وضعك في الآخرة هو وضعك في الدنيا ، وأن مراكز القوة في يوم الدين هي مراكز القوّة في الحياة الدنيا ، ولكنك تعيش في وهم كبير وغفلة عظيمة ، فإن هذا اليوم هو يوم الله ، بكل ما لهذه الكلمة من معنى عميق وواقعي ، وفي سيطرته على الأمر كله.
(يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) فليس هناك قوّة لأيّ شخص ، وليست هناك رابطة ذاتية تربط بين الأشياء في مسائل النفع الذي ينتظره الناس من بعضهم البعض ، في ما يملكونه من أسباب وأوضاع يستطيعون تقديمها إليهم ، فالأمر كله لله ، فمن كان يريد الحصول على أيّ شيء هناك ، فليوثّق علاقته بالله ، فإنه المهيمن على كل شيء هنا وهناك ، فلا شيء لغيره ، أيّا كانت قيمته أو درجته أو مقامه.
* * *