المال بالباطل ، مما يجعل نتائجه الوضعية تفرض رفض ملكيّة المطفّف للزيادة التي أخذها لحسابه ، لأن الإسلام لا يمنح أيّة شرعية لهذا السبب التعاملي للملكية ، لأن ذلك منحصر بالتجارة عن تراض. ولهذا لا تكون التوبة عن هذا الذّنب موجبة لزوال المسؤولية ، بل لا بد من إرجاع الزيادة إلى أصحابها بطريقة أو بأخرى.
وقد أثار بعض المفسّرين الحديث حول عدم ذكر الاتزان ـ من الوزن ـ مع الاكتيال في الآية الثانية ، مع أنه ذكر الوزن في الآية الثالثة ، وتساءل عن سرّ ذلك ، لأنه لو كانت القضية مجرد مثال يطرح المسألة من خلال النموذج الذي يدل على الآخر ، لكان ذلك مقتضيا لعدم ذكر الوزن في الآية الثالثة.
تحدث صاحب الميزان عن ذلك ، في ما نقله عن البعض ـ قال : «قيل : لأنّ المطفّفين كانوا باعة ، وهم كانوا في الأغلب يشترون الكثير من الحبوب والبقول ونحوهما من الأمتعة ثم يكسبون بها ، فيبيعونها يسيرا يسيرا تدريجا ، وكان دأبهم في الكثير من هذه الأمتعة أن يؤخذ ويعطى بالكيل لا بالوزن ، فذكر الاكتيال وحده في الآية مبنيّ على الغالب» (١).
وهكذا أكّدت السورة على الدعاء عليهم بالويل الذي يوحي بالهول الذي ينتظر هؤلاء مما لا يدركون كنهه ، لأنهم يعيثون في الأرض فسادا ويبخسون الناس أشياءهم ، في ما ألمحنا إليه من النتائج السيئة المنطلقة من العقلية الأنانية التي تدفع الإنسان إلى أن يفكر بنفسه ، ولو على حساب غيره ، فيراعي حقه ولا يراعي حق غيره ، فيظلم الناس في الموقع الذي يرفض فيه أن يظلموه.
* * *
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٢٠ ص : ٢٥٥ ـ ٢٥٦.