أعمالهم بكل دقة ، ويقول القرآن عنه : إنه سجين ، ثم يطرح السؤال بالطريقة القرآنية المعهودة التي توحي بالتهويل ، إمعانا في الإثارة :
(وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ) هذه الكلمة التي توحي بالسجن في الأسلوب الذي يوحي بالتهويل ، (كِتابٌ مَرْقُومٌ) يجمع أعمال الفجار كلها ويثبتها بحيث لا يفوته شيء منها.
وربما استوحى بعض المفسّرين من المقابلة بين «علّيّين» التي تمثّل الدرجة الرفيعة وبين «سجين» ، أن هذه الكلمة تمثّل الدرجة السفلى ، فيكون التعبير بهذه الكلمة عن الكتاب باعتبار مضمونه الذي يؤدي بالإنسان إلى أقصى درجة من الانحطاط في ما هي قضية المصير في الآخرة ، وهو أمر معقول ، والله العالم.
وقد نحتاج إلى التأكيد على ملاحظة تعبيرية ، وهي أن الآيات اعتبرت أنّ كتاب الأبرار لفي سجّين ، ثم ذكرت أن سجين كتاب مرقوم ، فكيف يكون الكتاب ظرفا للكتاب؟ وأجاب صاحب الميزان بأنه «لا ضير في لزوم كون الكتاب ظرفا للكتاب على هذا المعنى ، لأن ذلك من ظرفية الكل للجزء ، وهي مما لا ضير فيه ، فيكون سجّين كتابا جامعا فيه ما قضي على الفجار وغيرهم من مستحقّي العذاب» (١).
وإذا كنا قد احتملنا أن تكون كلمة سجّين تعبيرا عن الدرجة السفلى ، فلا إشكال إلّا من جهة اللفظ.
* * *
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) الذين يستحقون هذا الدعاء الموحي بالكارثة المصيرية المعبرة عن هلاك (الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) في ما يثيرونه في أقوالهم ،
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٢٠ ، ص : ٢٥٧.