وفي ما يجسّدونه في أفعالهم ، فيشمل التكذيب القولي والتكذيب العملي المتمثل بالعمل ، من دون اعتبار لليوم الآخر.
(وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ) من الذين يحملون في أنفسهم نزعة العدوان ، ويعيشون في حياتهم حركة الإثم والمعصية ، ويعتبرون ذلك خطّا للحياة ، على مستوى الفكر والسلوك ، فيمنعهم ذلك من التركيز على مواجهة العقيدة بمنطق المسؤولية ، في ما هو الفكر والحوار ، فيدفعهم ذلك إلى التكذيب من دون حجّة. وهذا ما توحي به الآية الكريمة : (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ) [الروم : ١٠].
وهذا مما نستوحي منه قاعدة جديدة في مسألة الاستقامة والانحراف ، وهي أنّ الانحراف العمليّ قد يؤدّي إلى الانحراف العقيدي ، كما يقود الانحراف العقيديّ إلى الانحراف في العمل.
* * *
(إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ)
(إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) في ما توحي به كلمة الأساطير من معنى الأباطيل ، لأن الأسطورة تمثل القصة الخرافية التي لا تلتقي بالحقيقة الموضوعية في الواقع. ولكن كيف يمكن أن يثبتوا ذلك ، فما هي ملامح الأسطورة ، وما هي طبيعتها؟ وما هي ملامح الحقيقة ، وما هي طبيعتها؟ هل تكفي الكلمة الطائرة الطائشة لتنفي فكرة أو تثبت أخرى ، أم لا بد من الحوار القائم على دراسة المضمون الفكري للكلمات المطروحة ومدى خضوعه للأدلة العلمية والعقلية التي يمكن أن تكون الميزان في التقييم بين ما هي الحقيقة وما هي الأسطورة؟ ولكن مشكلة هؤلاء ، كما هي مشكلة أمثالهم ، أنّهم يخطّطون لمحاربة الإسلام بالكلمات اللاذعة المثيرة التي تشوّه الصورة ،