والموت ، وأمر النفع والضرر ، ويعلم سرّهم وعلانيتهم ، ويعلم حقيقة الأشياء الخفية التي يستخدمونها ضدّك ، مما يعلمونه ، كما يعلم الخفايا التي لا يعلمونها. فأنا الذي أكيد لهم ، فأبطل كيدهم وتآمرهم ، وأضع الخطط للنبي وللمؤمنين في الوصول إلى النتائج الكبيرة التي تحقّق لهم النصر النهائي.
(فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) أي انتظر بهم ـ يا محمد ـ ولا تعجل عليهم ، فقد يحتاج الأمر إلى أن يطرحوا كل ما عندهم ، وأن يتحرّكوا في خط المواجهة معك ، وأن يثيروا الغبار في وجهك ، وأن يأخذوا بأسباب القوّة التي يملكونها في مواجهتك ، وأن ينالوا من المؤمنين موقفا. وقد يحتاج المؤمنون أن يعيشوا تجربة الصراع ليتألّموا في مواقع الإيمان ، وليضطهدوا في مواقف الدعوة ، وليعانوا الكثير من الآلام في خط التحدّي الكبير ، لتتعمق تجربتهم ، وتتصلّب مواقفهم ، ويكبر موقعهم ، وتتّسع ذهنيتهم ، من أجل أن ينتفعوا بذلك في تجربة الحركة المستقبلية في خط الدعوة والجهاد ، لأن المؤمنين إذا لم يعيشوا التجربة القاسية في مواقع الصراع ، فلن يستطيعوا أن يملكوا النتائج الكبيرة في ساحات الانتصار.
وهكذا أراد الله من رسوله أن يستوعب طبيعة المرحلة ، ليكون انتظاره انتظار الخطّة لا انتظار العجز ، وليعرف أن الله قادر على أن يعجل عليهم لو أراد النبي ذلك في ما يملك من الدرجة الرفيعة عنده. لكنّ الله أراد له أن يتمهّل وقتا قريبا ، ليستكمل تجربته في الدعوة ، ومتابعته لخطط الأعداء التي يكشفها الله له ، وليثق بأن كيد الله فوق كيد الكائدين ، وإرادته فوق بغي الكافرين.
* * *
من وحي الآيات
وقد نستوحي من ذلك ، أنّ الدعاة إلى الإسلام والعاملين في سبيله ، لا