والنحلة تجد خليّتها مهما طمست الريح في هبوبها على الأعشاب والأشجار ، وكل دليل يرى. وحاسة العودة إلى الوطن ، هذه ، هي ضعيفة في الإنسان ، ولكنه يكمل عتاده القليل منها بأدوات الملاحة. ونحن في حاجة إلى هذه الغريزة وعقولنا تسدّ هذه الحاجة. ولا بد أنّ للحشرات الدقيقة عيونا ميكروسكوبية ـ مكبرة ـ لا ندري مبلغها من الإحكام ، وأن للصقر بصرا تلسكوبيا ـ مكبّرا مقرّبا ـ. وهنا أيضا يتفوّق الإنسان بأدواته الميكانيكيّة ، فهو بتلسكوبه يبصر سديما بلغ من الضعف أنه يحتاج إلى مضاعفة قوّة إبصاره مليوني مرّة ليراه ، وهو بميكروسكوبه الكهربائي يستطيع أن يرى بكتريا كانت غير مرئية ، بل كذلك الحشرات الصغيرة التي تعضها!
وأنت إذا تركت حصانك العجوز وحده ، فإنه يلزم الطريق مهما اشتدت ظلمة الليل ، وهو يقدر أن يرى ولو في غير وضوح ، ولكنه يلحظ اختلاف درجة الحرارة في الطريق وجانبيه ، بعينين تأثرتا قليلا بالأشعّة تحت الحمراء التي للطريق. والبومة تستطيع أن تبصر الفأر الدافئ اللطيف وهو يجري على العشب البارد مهما تكن ظلمة الليل. ونحن نقلب الليل نهارا بإحداث إشعاع في تلك المجموعة التي نسميها الضوء ...» (١).
* * *
معجزة خلق النحلة وعملها
«... إن العاملات من النحل تصنع حجرات مختلفات الأحجام في المشط الذي يستخدم في التربية ، وتعدّ الحجرات الصغيرات للعمّال ، والأكبر منها لليعاسيب ـ ذكور النحل ـ وتعدّ غرفة خاصة للملكات الحوامل. والنحلة
__________________
(١) في ظلال القرآن ، م : ٨ ، ج : ٣٠ ، ص : ٥٤٣ ـ ٥٤٤.