في أجواء السورة
وهذه سورة مكية مثيرة بحركتها الموسيقية ، في معانيها المتحركة ، التي تكاد تلهث في ملاحقتها ، في ما توحي به كلمات : النازعات ، والناشطات ، والسابحات ، والسابقات ، والمدبّرات. فهناك حركة دائبة تتنوّع ذات اليمين وذات الشمال ، في الامتدادات وفي حيويّة إثارة القوّة والنشاط والتدبير الذي يحرّك الواقع. ويفاجئك الحديث عن يوم القيامة في رجفة الحركة ، ووجيف القلوب ، وخشوع الأبصار ، والاستغراق في الحفرة التي يردّ الناس إليها ، ثم يخرجون منها. ويثير هؤلاء المنكرون للقيامة السؤال ، ويأتيهم التأكيد بأن المسألة لا تحتاج إلا إلى زجرة واحدة ، ليواجهوا الموقف العظيم ، ومن ثم تدخل في دائرة تاريخ موسى عليهالسلام وفرعون ، لتختصر حركة الدعوة ، وحركة الرفض ، وحركة التحدي ، وحركة الأخذ الإلهي ، ليطل هذا التاريخ على الأجواء التي تختصر حركة البشر بين المؤمنين والكافرين في ما يواجهونه يوم القيامة من النعيم في الجنة ، ومن الجحيم في النار.
ويدخل في مقارنة بين حجم الإنسان وحجم الكون في سماء الله التي بناها وجعلها في حركتها تنتج الليل والنهار ، وفي أرضه التي دحاها وفجّر منها الينابيع ومنحها حياة النموّ الذي يملأها بالخضرة ، وفي جبالها التي تثبت مواقعها وتمنعها من الاهتزاز.