والنشط والسبح والسبق والتدبير ، للإيحاء بالجدّية المسؤولة التي لا يملك أحد أمامها أن يواجه القضية باللّامبالاة العبثية والاسترخاء الغافل ، ليكون ارتباط هذه الفقرات بما بعدها ارتباطا طبيعيا باعتباره من أجواء هذا اليوم.
* * *
اضطراب القلوب
(يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ) وهي الصيحة العظيمة ، التي فيها تردد واضطراب ـ كما قيل ـ (تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) وهي المتأخرة التابعة ، ولعلها النفخة التي تبعث الناس من الأجداث ، ثم تجمعهم إلى الموقف الحاسم بين يدي الله.
وقد ذكر صاحب الميزان أن كلمة (يَوْمَ تَرْجُفُ) إلخ ظرف «لجواب القسم المحذوف للدلالة على فخامته وبلوغه الغاية في الشدة وهو : لتبعثن» (١). وفي هذا الوجه خفاء. وقد ذكرنا قريبا أن هناك احتمالا في تفسير هذه الفقرات بحيث لا تكون واردة في سياق القسم ، والله العالم.
(قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ) أي مضطربة. وربما كان المراد من القلوب أصحابها ، وقد عبر عنها بالقلوب باعتبار أن القلب هو مركز الاضطراب الذي يحل بالنفس ، فتضطرب خفقاته (أَبْصارُها خاشِعَةٌ) في ما يواجه هؤلاء الناس من الموقف الهائل الذي يثير الرعب في الكيان كله من خلال ما يمكن أن يواجه من أهوال القيامة في عذاب النار ، الذي كانوا يستبعدونه ويسخرون من النبي الذي يدعوهم إلى الإيمان به ، وينذرهم يومه.
(يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ) فهل يمكن أن نعود إلى حالتنا الأولى وهي الحياة؟ (أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً) أي متفتتة بالية ، نخرة يصفر فيها الهواء ،
__________________
(١) (م. س) ، ج : ٢٠ ص : ٢٠٢.