في غذائها وكسائها وشهواتها ، وتتنوع فيها مطامحه وأطماعه ، وتستغرق في لذاتها حواسه ، ويعيش في استرخاء الغفلة وراحة الغيبوبة ، وفجأة ينتهي كل شيء ، وينفتح الجو على عالم جديد.
(فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى) العالية الغالبة التي تغطي على كل شيء تحتها ، فلا تحس به ، لأنها تخفي كل تلك الحياة المليئة بظواهرها الكونية ولذاتها الحسية ، وأوضاعها المادية ، وتلك هي القيامة التي يقف فيها الإنسان ليواجه مشاعر وقضايا جديدة ، ليبدأ التذكر لكل تاريخه العملي ، في ما فكر فيه ، وفي من آمن به أو كفر ، أو ما عمله ، مما أحسن فيه أو أساء ، أو ما عاشه من علاقات ، مما كان يحمل الخير أو الشرّ ، أو المصلحة أو المفسدة في ذلك اليوم الرهيب.
(يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى) لأن النتائج السلبية أو الإيجابية في الآخرة خاضعة للسعي الخيّر أو الشرّير في الدنيا ، فهو يعصر فكره ليستحضر كل تاريخه ليعرف مصيره في تلك اللحظة الحاسمة.
(وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى) في عملية إظهار إيحائيّ لكل الذي يملك عينين ليتعرف النتائج الصعبة للعاملين في الاتجاه المنحرف عن خط الله ... ثم تتنوّع المصائر تبعا لتنوّع المواقف العملية في الدنيا.
* * *
جهنم مأوى الطغاة
(فَأَمَّا مَنْ طَغى) وتجاوز الحدود المرسومة من الله في العقيدة وفي الحركة ، فلم يتوازن في فكره ، ولم يستقم في حركته ، ولم يتحمل المسؤولية