في هذه الآيات ؛ هل هو النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أم شخص غيره؟ لأن الصفات التي توحي بها الآيات لهذا الشخص لا تتناسب مع خلق النبي ، وربما لا تتناسب مع عصمته. وسنعالج هذه المسألة في نطاق الروايات الواردة ، وفي خط المنهج الإسلامي في خط الدعوة الأخلاقي ..
جاء في مجمع البيان «قيل : نزلت الآيات في عبد الله بن أم مكتوم ، وهو عبد الله بن شريح بن مالك بن ربيعة الفهري من بني عامر بن لؤيّ ، وذلك أنه أتى رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يناجي عتبة بن ربيعة ، وأبا جهل بن هشام ، والعباس ابن عبد المطلب ، وأبيّا وأمية ابني خلف ، يدعوهم إلى الله ويرجو إسلامهم ، فقال : يا رسول الله أقرئني وعلّمني ممّا علّمك الله ، فجعل يناديه ويكرر النداء ولا يدري أنه مشتغل مقبل على غيره ، حتى ظهرت الكراهة في وجه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لقطعه كلامه ، وقال في نفسه : يقول هؤلاء الصناديد إنما أتباعه العميان والعبيد ، فأعرض عنه وأقبل على القوم الذين يكلمهم ، فنزلت الآيات ، وكان رسول الله بعد ذلك يكرمه ، وإذا رآه قال : مرحبا بمن عاتبني فيه ربي ، ويقول له : هل لك من حاجة ، واستخلفه على المدينة مرتين في غزوتين» (١).
* * *
الشيخ الطبرسي وروايات النزول
جاء في مجمع البيان : «قال المرتضى علم الهدى قدّس الله روحه : ليس في ظاهر الآية دلالة على توجّهها إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل هو خبر محض لم يصرّح بالمخبر عنه ، وفيها ما يدلّ على أنّ المعنيّ بها غيره ، لأن العبوس ليس
__________________
(١) الطبرسي ، أبو علي الفضل بن الحسن ، مجمع البيان ، دار المعرفة ، بيروت ـ لبنان ، ط : ١ ، ١٤٠٦ ه ـ ١٩٨٦ م ، ج : ١٠ ، ص : ٦٦٣ ـ ٦٦٤.