[الكهف : ٢٨] فإن هذه الآية توحي بأن الله يريد إخراج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الأجواء الضاغطة في العرف الاجتماعي ، التي يمكن أن تترك تأثيرها الخفيّ على نفسه بطريقة لا شعورية ، فيلتفت إلى الأغنياء رغبة في الامتيازات الحاصلة عندهم. وربّما كان ذلك على طريقة «إيّاك أعني واسمعي يا جارة» ليكون الخطاب للأمة ، من خلال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ليكون ذلك أكثر فاعلية وتأثيرا إيحائيا في أنفسهم ، لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا كان يخاطب بهذه الطريقة في احتمالات الانحراف ، فكيف إذا كان الخطاب يراد به غيره.
النقطة السادسة : إن الرواية المنسوبة إلى الإمام الصادق عليهالسلام في أن الحديث عن رجل من بني أمية ، لا تتناسب مع أجواء الآيات ، لأن الظاهر من مضمونها ، أن صاحب القضية يملك دورا رساليا ، ويتحمل مسئولية تزكية الناس ، مما يفرض توجيه الخطاب إليه للحديث معه عن الفئة التي يتحمل مسئولية تزكيتها ، باعتبارها القاعدة التي ترتكز عليها الدعوة وتقوى بها ، في مقابل الفئة الأخرى التي لم تحصل على التزكية ، ولا تستحق بذل الجهد الكثير.
* * *
الرسول بين المهم والأهم
(عَبَسَ وَتَوَلَّى) أي واجه الموقف بالعبوس الذي يتمثل في تقلص عضلات الوجه وقسوة النظرة ، والإعراض عن هذا السائل الملحاح ، (أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى) الذي عاش مسئولية الإيمان في مسئولية المعرفة ، كما عاش مسئولية الدعوة في حاجتها إلى الوعي الرسالي بكل مفرداتها العقيدية والتشريعية ، فأراد انتهاز فرصة وجود النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مع المسلمين ليأخذ من علمه ، ممّا أنزله الله عليه من كتاب ، وما ألهمه من علم الشريعة والمنهج والحياة ... ولكن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم