يستجب له ، لأن هناك حالة مهمّة يعالجها في دوره الرسالي المسؤول ، في محاولة لتزكية هؤلاء الكفار من وجهاء المشركين ، طمعا في أن يسلموا ليتسع الإسلام في اتباع جماعتهم لهم ، لأنهم يقفون كحاجز بين الناس وبين الدعوة ، ولذلك أجّل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الحديث مع هذا الأعمى إلى وقت آخر ، إذ كانت الفرص الكثيرة تتسع للّقاء به أكثر من مرّة ، فتكون له الحرية في إغناء معلوماته بما يحب في جوّ هادئ ملائم ، بينما لا تحصل فرصة اللقاء بهؤلاء دائما ، فكانت المسألة دائرة ـ في وعيه الرسالي ـ بين المهمّ في دور هذا الأعمى ، وبين الأهمّ في دور هؤلاء الصناديد.
* * *
الأولوية لمن يتزكى
ولكن الله يوجه المسألة إلى ما هو الأعمق في قضية الأهمية في مصلحة الرسالة ، باعتبار أن هذا الأعمى قد يتحول إلى داعية إسلاميّ كبير ، (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) في ما يمكن أن يستلهمه من آيات القرآن التي يسمعها ، مما يغني له روحه ، فتصفو أفكاره ، وترقّ مشاعره ، وتتسع آفاقه ، وتتعمق معرفته بربه ، فيؤدي ذلك إلى عمق في الفكر ، وسعة في الأفق ، وغنى في الشخصية ، وحيوية في الحركة ، مما يؤثّر تأثيرا إيجابيا على حركته في الدعوة ، فيحصل من ذلك على خير كبير. (أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى) ، في ما يمكن أن يعيشه من غفلة عن بعض الحقائق ، أو جهل ببعض القضايا ، فتأتي الكلمات القرآنية لتقشع عنه سحائب الغفلة ، وتأتي الكلمات الرسولية لترفع عنه حجاب الجهل ، فإذا حدث له ذلك ، أمكن لهذا التطور في شخصيته ، أن يحقق النفع للخط الإسلامي المستقيم على مستوى الالتزام والدعوة والحركة.
* * *