ليس للدعاة الانفتاح على الأغنياء لغناهم
(أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى) فلم تكن لديه أيّة ميزة إلّا غناه ، وكان يعتبر أن الغنى يمثّل عمق القيمة التي تمنحه موقعا اجتماعيا متقدّما ، وتغريه ـ دائما ـ بأن يضع كل فكره وعمله وعلاقاته بالناس في خدمة هذا الغنى ، حتى أن انتماءه إلى أيّ دين أو مذهب يتحرك في جهة الدين الذي يخدم مصلحته المادية ، والمذهب الذي يدعم ثروته.
(فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى) لتحاول بجهدك الرسالي أن تمنحه زكاة الروح وطهارة الفكر ، في ما تحسبه من النتائج الكبيرة لذلك على مستوى امتداد الإسلام في قريش.
(وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى) فلن تتحمل أيّة مسئولية من خلال ابتعاده عن الخط المستقيم ، وتمرّده على تطلعات الروح إلى آفاق الطهارة وسماوات الصفاء ، لأنك لم تقصر في الإبلاغ ، ولم تدّخر أيّ جهد في ما حرّكته من الوسائل التي تملكها ، وفي ما استخدمته من الأساليب التي تحرّكها في اتجاه التزكية للناس جميعا. وقد سمعوا ذلك كله ، وأصرّوا على الاستكبار والتمرّد ، لا من موقع شبهة ، ولكن من موقع القرار الذي أصدروه مع جماعتهم ، في عدم الاستجابة إليك. ولم يكن قدومهم إليك من أجل الهداية ، بل كان ذلك ـ ربّما ـ من أجل الضغط عليك بطريقتهم الخاصة لتترك الرسالة ، أو لتدخل معهم في حسابات التسويات ، لتقدم التنازلات ضد مصلحة الرسالة. وهذا ما يريد الله أن يعرّفك إيّاه من خلال ما يعلمه من خفايا هذا الإنسان وجماعته ، وما قد تعرفه من خلال تجربتك الحسية في المستقبل.
(وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى) للحصول على المعرفة (وَهُوَ يَخْشى) الله في نفسه ، وفي مسئوليته في الدعوة ، وفي المهمّات الأخرى الموكولة إليه. مما قد