في أجواء السّورة
وهذه من السّور المكيّة الّتي تعالج مسألة العقيدة باليوم الآخر ، ذلك أنّ الجوّ المحيط بدعوة النّبي إلى الإيمان به آنذاك ، كان حافلا بالكثير من ألوان التّشكيك أو الرّفض بين النّاس. وقد جاءت هذه السورة لتتحدث عن طبيعة الإثارة ، ووصولها إلى مستوى اشتداد الخلاف حولها ، انطلاقا من طبيعة الارتباط الذّهني لديهم في تصوّرهم للأشياء بالجانب الحسيّ ، فلا يؤمنون إلا بما هو مألوف لديهم بطريق الحسّ. ولهذا تحرك الأسلوب القرآني في دائرة التوعية الفكرية ، ليثير فيهم طبيعة الإمكانات المحتملة للمسألة كوسيلة من وسائل حركة الفكر نحوها ، للوصول ـ من خلال ذلك ـ إلى القناعة العقيديّة ..
وهذا ما جعل السّورة تجول على مواقع قدرة الله في الكون والأرض والسماء ، وما يتحقق فيها من ظواهر ، كحركة الزوجية في وجود الإنسان ، وحركة الليل والنهار ودورهما في حياته ، في ما يلقيه عليه اللّيل من سبات ، ويتحرك فيه بالنهار من أمور المعاش ، وبما تنطلق به السّماء من نور ينير له ظلمات الأرض في ما يحتاج فيه إلى الضوء ، وما ينزل عليه من مطر يحيي الأرض بعد موتها ، فيمنح الوجود الإنساني غذاءه الطبيعي في ما ينبت من النبات بسببه.
ثمّ تنتقل السّورة إلى يوم الفصل الّذي جعله الله ميعادا لخلقه ، ليرجع