(بِضَنِينٍ) : ببخيل.
* * *
كتاب الله ذكر للعالمين
وهذا الحديث عن الوحي يتخلّله القسم الذي يطوف بالوعي في مشاهد كونيّة ذات ارتباط بالتجربة الحسية للإنسان ، كما يتجه إلى الإشارة إلى الرسول الملائكي الذي يحمل الوحي من الله ، وإلى الرسول البشري الذي يتلقّى الوحي منه ليبلغه للناس الذين يفتحون قلوبهم للذكر النازل من عند الله ، ليتحركوا في خط الاستقامة في دائرة مشيئة الله.
(فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ* الْجَوارِ الْكُنَّسِ) أي لا أحتاج في إثبات حقيقة الوحي وصدقه إلى القسم بهذه الظواهر الكونية التي يتصل بعضها بالنجوم المعلقة في السماء ، وبعضها بحركة الزمن في الحياة ، والخنّس والجوار الكنّس هي الكواكب التي ترجع في دورتها الفلكية وتجري وتختفي ، فإنّ لها في حركتها على ما تشاهد استقامة ورجعة وإقامة ، فهي تسير وتجري في حركة متشابهة زمانا وهي الاستقامة ، وتنقبض وتتأخر وتخنس زمانا وهي الرجعة ، وتقف عن الحركة استقامة ورجعة زمانا ، كأنها الوحش تكنس في كناسها وهي الإقامة. وربما كان التعبير بها يطلّ على حياة الظباء وهي تجري وتختبئ في كناسها وترجع من ناحية أخرى.
(وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ) أي إذا أقبل وأدبر في مبدأ الليل ومنتهاه ، والعسعسة هي رقّة الظلام ، في ما يثيره في النفس من انسياب رقيق يخدّر المشاعر ، ويوحي بالاستغراق في بحر الظلام العميق الممتد في الكون ، في إحساس يلتقي فيه الخوف بالأمان.