(وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ)
(وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ) فقد كانوا يقولون : إنه ممّن يأتيه شيطان في ما يلقى إليه ، تماما كما هو حال الكهان ، الذين تأتيهم الشياطين من الجن بالغيب الذي يلقونه في وعيهم ، أو على ألسنتهم ، ولكنهم لا يملكون أيّ دليل على ذلك ، بل إن النبي يملك الحجّة الواضحة على أن القرآن حديث منزّل من الله ، في ما تحدّى به الإنس والجنّ أن يأتوا بسورة من مثله ، فلم يستطيعوا إلى ذلك سبيلا.
(فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) في مذاهبكم التي تتخبّطون فيها من دون أساس للهدى وللحق ، فلا تركنون في حديثكم إلى فكر ، ولا تنطلقون من قاعدة وعي ، بل تقفون موقف الذي يعيش داخل المأزق الذي وضعتكم فيه الرسالة ، التي أحاطت بكم من بين أيديكم ومن خلفكم ، وعن أيمانكم وشمائلكم ، من خلال وضوح الحق الذي أطلقته في حياتكم ، قاعدة للعقيدة ، وخطّا للشريعة ، ومنهجا للحياة. فهل تعرفون نهاية الطريق الذي تسيرون فيه؟ إنه الطريق الذي لن يفضي بكم إلّا إلى الضياع.
* * *
(إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ)
(إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) فلا تختصّ به جماعة دون جماعة ، بل هو للعالمين كافّة ، ليكون ذكرا لهم ، ينفذ إلى عقولهم فيزيل عنها حجاب الغفلة ، وإلى مشاعرهم ، فيزيح عنها ظلمة الإحساس ، وإلى حياتهم ، فيحطم فيها الحواجز التي تحجزها عن رؤية الحق.
(لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) على هدى الله ، لأن مسألة الذكر لا تقوم