ومع ذلك فهي غير صريحة الدلالة ؛ لما فيها من تعليل إبقاء العقب بحكمة ضرورة المشي عليها والوطء بها ، والظاهر أنّهما لا يتحققان بمجرّد العقب المجرّد ، بل به وبما يتّصل به إلى الكعب من عظام القدم ، فينبغي أن يصرف به لفظ العقب عمّا هو ظاهر فيه من التجرّد الى ما يوافق الأوّل ، بأن يراد منه ما يقابل صدر القدم من الأصابع والمشط إلى وسط القدم.
وهذا التعليل بعينه موجود في كلام الأصحاب حتى القائلين بالقول الأخير ، فيمكن حمل كلامهم أيضاً على ما حمل عليه النصوص ، وعليه فيرتفع الخلاف. ولعلّه لهذا لم ينقله عنّا أكثر الأصحاب ، بل عامّة من وقفت على كلامهم ، عدا الفاضل في المختلف (١) ، حيث نقل القولين ورجّح الثاني منهما ، وهذا وإن كان صريحاً في اختياره إيّاه ، بحيث لا يحتمل الحمل على ما قدّمناه ، لكنّه شاذّ.
( ولو تكرّرت السرقة من غير حدّ ) يتخلّلها ( كفى حدّ واحد ) إذا أقرّ بها دفعة ، أو شهدت بها البيّنات كذلك ، بلا خلاف على الظاهر ، المصرّح به في الخلاف (٢) ، بل عليه في الغنية (٣) الوفاق ، وهو الحجّة.
مضافاً إلى الأصل ، واختصاص ما دلّ على تعدّد القطع بتعدّد السرقة بصورة تخلّل القطع للأُولى ، لا مطلقاً.
وخصوص الصحيح : في رجل سرق فلم يقدر عليه ، ثم سرق مرّة أُخرى فلم يقدر عليه ، وسرق مرّة أُخرى ، فجاءت البيّنة فشهدوا عليه بالسرقة الأُولى والسرقة الأخيرة فقال : « تقطع يده بالسرقة الأُولى ، ولا تقطع
__________________
(١) المختلف : ٧٧٨.
(٢) الخلاف ٥ : ٤٤١.
(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢٣.