فمع قصور سنده عن الصحة وإن قرب منها بابن أبي عمير الذي أجمع على تصحيح ما يصح عنه العصابة شاذّ ، لا يعترض به الأخبار السابقة ؛ لما هي عليه من الاستفاضة ، وصحة سند أكثرها ، واعتبار باقيها ، وإطباق الفتاوي عليها ، ولذا حمله الشيخ تارةً على التقية ، قال : لأنّ في الفقهاء من لا يجوّز ذلك ، وأُخرى على أنّ المراد أنّه ليس له ذلك إلاّ بشرط أن يردّ ما يفضل عن دية صاحبه ، قال : وهو خلاف ما ذهب إليه قوم من العامّة ، وهو مذهب بعض من تقدّم على أمير المؤمنين عليهالسلام ؛ لأنّه كان يجوّز قتل الاثنين وما زاد عليهما بواحد ولا يردّ فضل ذلك ، وذلك لا يجوز على حال (١).
وهذان الحملان لا بأس بهما جمعاً وإن بَعُدا ، ولا سيّما الأوّل منهما ، كما نبه عليه غير واحد من الأصحاب (٢) ، معلّلين بأنّه خلاف المشهور بينهم ؛ إذ أكثرهم ذهبوا إلى جواز قتل الجميع كما ذهب إليه أصحابنا ، لكنّهم لم يوجبوا ردّاً ، بل جعلوا دم كلّ منهم مستحقّاً للوليّ مجّاناً ، قالوا : فالأولى حمله على الاستحباب ، ولا بأس به أيضاً.
( الثانية : يقتصّ من الجماعة في الأطراف كما يقتصّ ) منهم ( في النفس ) لفحوى الأدلّة المتقدّمة.
مضافاً إلى خصوص الصحيحة الصريحة : في رجلين اجتمعا على قطع يد رجل ، قال : « إن أحبّ أن يقطعهما أدّى إليهما دية واقتسماها ثم
__________________
(١) الاستبصار ٤ : ٢٨٢.
(٢) منهم الشهيد في المسالك ٢ : ٤٦٠.