كان نصّاً في الأوّل وظاهراً في الثاني ؛ لقوله عليهالسلام : « فلا قود لمن لا يقاد منه » (١) وهو عامّ ، ووروده في خصوص المورد لا يوجب التخصيص ، كما قرّر في الأُصول.
مع تأيّده بما ورد من مثله في الحدود ، وهو أنّه « لا حد لمن لا حدّ عليه » (٢) وبلزوم الاحتياط في الدم.
وهو غير بعيد ، إلاّ أنّ الاكتفاء بمثل هذا الظهور في رفع اليد عن العمومات القطعية من الكتاب والسنّة وظاهر المرسلة المعتضدة بالشهرة العظيمة التي كادت تكون لنا الآن إجماع الطائفة في غاية الجرأة ، وإن كان الاحتياط للأولياء معه ، فلا يختاروا قتله ، بل يصالحوا عنه بالدية.
( ولا يقتل العاقل بالمجنون ) بلا خلاف أجده ، وبه صرّح في الغنية (٣) ، بل عليه الإجماع في السرائر (٤) ؛ للصحيح : عن رجل قتل رجلاً مجنوناً؟ فقال : « إن كان المجنون أراده فدفعه عن نفسه فقتله فلا شيء عليه من قود ولا دية ، ويعطى ورثته الدية من بيت مال المسلمين ، وإن كان قتله من غير أن يكون المجنون أراده فلا قود لمن لا يقاد منه ، وأرى أنّ على قاتله الدية في ماله يدفعها إلى ورثة المجنون ، ويستغفر الله عزّ وجلّ ويتوب إليه » (٥).
__________________
(١) الكافي ٧ : ٢٩٤ / ١ ، الفقيه ٤ : ٧٥ / ٢٣٤ ، التهذيب ١٠ : ٢٣١ / ٩١٣ ، الوسائل ٢٩ : ٧١ أبواب القصاص في النفس ب ٢٨ ح ١.
(٢) الكافي ٧ : ٢٥٣ / ١ ، ٢ ، الفقيه ٤ : ٣٨ / ١٢٥ ، التهذيب ١٠ : ١٩ ، ٨٣ / ٥٩ ، ٣٢٥ ، الوسائل ٢٨ : ٤٢ أبواب مقدمات الحدود ب ١٩ ح ١.
(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦١٩.
(٤) السرائر ٣ : ٣٦٩.
(٥) تقدّم في ص ٢٥٤.