ومنه يظهر جواب آخر عن الأوّل ، وهو وجود الفارق ؛ لكون متعلّق الإقرار هنا حقّ آدمي ، فيكفي فيه المرّة كسائر الحقوق الآدمية ، ولا كذلك السرقة ، فإنّها من الحقوق الإلهيّة المبنيّة على التخفيف والمسامحة.
( ويعتبر في المقرّ البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، والحرّية ) كما في سائر الأقارير ؛ لعموم الأدلّة ، وخصوص الصحيح على الحرّية : عن قوم ادّعوا على عبد جناية تحيط برقبته فأقرّ العبد بها؟ قال : « لا يجوز إقرار العبد على سيّده ، فإن أقاموا البيّنة على ما ادّعوا على العبد أُخذ العبد بها ، أو يفتديه مولاه » (١).
( ولو أقرّ واحد بالقتل ) لمن يقتصّ به ( عمداً وآخر ) بقتله له ( خطأً تخيّر الوليّ ) للمقتول في ( تصديق أحدهما ) وأيّهما شاء ، وإلزامه بموجب إقراره ؛ لاستقلال كلّ من الإقرارين في إيجاب مقتضاه على المقرّ به ، ولمّا لم يمكن الجمع ولا الترجيح تخيّر الوليّ وإن جهل الحال كغيره ، وليس له على الآخر بعد الاختيار سبيل.
وللقريب من الصحيح بالحسن بن محبوب المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه : عن رجل وجد مقتولاً فجاء رجلان إلى وليّه ، فقال أحدهما : أنا قتلته عمداً ، وقال الآخر : أنا قتلته خطأً؟ فقال : « إن هو أخذ بقول صاحب العمد فليس له على صاحب الخطأ سبيل ، وإن أخذ بقول صاحب الخطأ فليس له على صاحب العمد سبيل » (٢).
__________________
(١) الكافي ٧ : ٣٠٥ / ١٠ ، الفقيه ٤ : ٩٥ / ٣١٤ ، التهذيب ١٠ : ١٥٣ / ٦١٤ ، الوسائل ٢٩ : ١٦١ أبواب دعوى القتل وما يثبت به ب ١٣ ح ١.
(٢) الكافي ٧ : ٢٨٩ / ١ ، الفقيه ٤ : ٧٨ / ٢٤٤ ، التهذيب ١٠ : ١٧٢ / ٦٧٧ ، الوسائل ٢٩ : ١٤١ أبواب دعوى القتل وما يثبت به ب ٣ ح ١.