بخيبر إذ فقدت الأنصار رجلاً منهم فوجدوه قتيلاً ، فقالت الأنصار : إنّ فلاناً اليهودي قتل صاحبنا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم للطالبين : أقيموا رجلين عدلين من غيركم أقيده برمّته ، فإن لم تجدوا شاهدين فأقيموا قسامة خمسين رجلاً أقيده برمّته ، فقالوا : يا رسول الله ما عندنا شاهدان من غيرنا وإنّا لنكره أن نقسم على ما لم نره ، فودّاه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقال : إنّما حقن دماء المسلمين بالقسامة لكي إذا رأى الفاجر الفاسق فرصة من عدوّه حجزه ذلك مخافة القسامة فكّف عن قتله ، وإلاّ حلف المدّعى عليه قسامة خمسين رجلاً ما قتلنا ولا علمنا قاتلاً ، وإلاّ أُغرموا الدية إذا وجدوا قتيلاً بين أظهرهم إذا لم يقسم المدّعون » (١) ونحوه غيره (٢).
وهو كما ترى ظاهر فيما ذكرناه ، مع أنّها على تقدير تسليم إطلاقها قضيّة في واقعة لا عموم لها ينفع المتنازع قطعاً.
ونوع ورد معلّلاً لشرعيّة القسامة بما مرّ في الصحيحة من العلّة ، وهي صريحة في اختصاصها بالعمد دون الخطاء وما يشبهه.
وبالجملة : لا ريب في ضعف هذه الأدلّة ، وعدم صلوحها للحجيّة فضلاً أن يعترض بها نحو الأدلّة السابقة ، مع ما هي عليه من الكثرة والخلوص عن شائبة الوهن والريبة.
فهذا القول ضعيف في الغاية ، وإن ادّعى عليه إجماع المسلمين في السرائر (٣) ، والشهرة في الروضة (٤) ؛ لظهور وهن الأوّل بمخالفة عظماء
__________________
(١) الكافي ٧ : ٣٦١ / ٤ ، التهذيب ١٠ : ١٦٦ / ٦٦١ ، الوسائل ٢٩ : ١٥٢ أبواب دعوى القتل وما يثبت به ب ٩ ح ٣.
(٢) الكافي ٧ : ٣٦١ / ٥ ، التهذيب ١٠ : ١٦٦ / ٦٦٢ ، الوسائل ٢٩ : ١٥٥ أبواب دعوى القتل وما يثبت به ب ١٠ ح ٣.
(٣) السرائر ٣ : ٣٣٨.
(٤) الروضة البهية ١٠ : ٧٣.