ويتفرّع على المختار أنّه إذا طلب الوليّ المال تخيّر الجاني بين دفعه وتسليم نفسه للقود.
وأنّه لو عفا عليه لم يصحّ عفوه بدون رضا القاتل ؛ لأنّ حقه ليس هو المال ، وعفوه لم يقع مطلقاً.
وأنّه لو عفا كذلك سقط القود ولم تلزم الدية ؛ لأنّها ليست واجبة له بالأصالة أو أحد أفراد الحقّ المخيّر حتى يوجب إسقاط أحدهما بقاء الآخر.
( ولا ) يجوز أن ( يقضي ) الحاكم ( بالقصاص ما لم يتيقّن التلف بالجناية ) فإن اشتبه اقتصر على القصاص في الجناية إن أمكن ، دون النفس ، فإذا قطع الجاني يد شخص مثلاً فمات المجني عليه بعد ذلك ولم يعلم استناد موته إلى الجناية فلا يقتل الجاني إلاّ بعد تيقّن حصول الموت بالجناية ، ومع الاشتباه يقتصر على قطع اليد دون القتل ، ووجهه واضح.
والمراد باليقين ما يعمّ اليقين الشرعي الحاصل من نحو الإقرار والشهادة ، هذا بالنسبة إلى الحاكم ، وأمّا بالنسبة إلى الشهود ووليّ الدم إذا أراد قتل الجاني حيث يجوز له فلا بُدَّ من العلم الواقعي.
( وللوليّ الواحد المبادرة بالقصاص ) بنفسه بعد تيقّنه بثبوته ، من دون توقّف على شيء ، وفاقاً لأحد قولي المبسوط (١) ، وعليه أكثر المتأخرين ، بل عامّتهم ؛ لأنّه كالأخذ بالشفعة وسائر الحقوق ؛ ولعموم ( فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً ) (٢) ونحوه من الأدلّة الدالّة على جواز اقتصاص
__________________
(١) المبسوط ٧ : ٥٦.
(٢) الإسراء : ٣٣.