وفي استحقاق الباقين حينئذٍ الدية وجهان : من أنّ الواجب في العمد القصاص ، وقد فات محلّه ، ومن استلزامه أن يطلّ دم امرئ مسلم ، فينتقل إلى بدلها ، وهو الدية إن لم يكن الواجب ابتداءً أحد الأمرين ، والأوّل مختار الشيخ (١) ، وهو الأوفق بالأصل ، والثاني مختار شيخنا الشهيد الثاني وغيره (٢).
وفي الثاني يقدّم السابق في الاستيفاء ؛ لاستحقاقه القصاص منفرداً من غير معارض قبل تعلّق حقّ الباقين ، فيقضى له بحكم الاستصحاب ، وفي أخذ الدية للباقين الوجهان المتقدمان.
ويحتمل مساواتهم ، فلا يحكم للسابق كالسابق ؛ لأنّ السبب الموجب لاستحقاق القصاص هو قتل النفس المكافئة عمداً ظلماً ، وهو متحقق في الجميع ، فيستوون فيه ، ويقدّم أحدهم بالقرعة ، أو يجتمعون على الاستيفاء.
وعلى كلّ تقدير فإن بادر أحدهم واستوفى وقع موقعه ؛ لأنّ له نفساً مكافئة فقد استوفى تمام حقّه من غير زيادة وإن أساء ، حيث لا يكون هو السابق على القول بتقديمه أو لم نقل بالتخيير ، ويبقى الإشكال في سقوط حق الباقين من حيث فوات محل القصاص أو الانتقال إلى الدية.
( الرابعة : إذا ضرب الوليّ الجاني وتركه ظنّاً ) منه ( أنّه مات فبرئ ففي رواية ) (٣) أنّه ( يقتصّ ) بمثل ذلك الضرب ( من الوليّ ، ثم يقتله
__________________
(١) النهاية : ٧٤٦.
(٢) المسالك ٢ : ٤٨٠ ؛ وانظر المختلف : ٨١٩.
(٣) الكافي ٧ : ٣٦٠ / ١ ، الفقيه ٤ : ١٢٨ / ٤٥٢ ، التهذيب ١٠ : ٢٧٨ / ١٠٨٧ ، الوسائل ٢٩ : ١٢٥ أبواب القصاص في النفس ب ٦١ ح ١.