مع أنَّ موجب إكمال الدية إنّما هو من حيث البصر أي المنفعة ، لا من حيث العين والجارحة ، ولذا مع التراضي على الدية تجب الدية كاملةً اتفاقاً ، فتوًى وروايةً.
وأمّا ما يقال في الجواب : من أنّ الآية حكاية عن التوراة فلا يلزمنا ، فمدفوع بإقرارها في شرعنا اتفاقاً ، فتوًى ونصّاً ، مع أنّ الأصل بقاء ما كان ، فتأمّل جدّاً.
ثم إنّ إطلاق العبارة ونحوها يقتضي عدم الفرق في الحكم على الجاني بردّ نصف الدية على الأعور إن قلنا به بين كون عورة خلقةً أو بآفة أو غيرهما ، وخصّه جماعة بالأوّلين ، وتحقيق الكلام فيه يأتي إن شاء الله تعالى.
( وسنّ الصبي ) إذا جني عليها عمداً ( ينتظر به ) مدّة جرت العادة بالنبات فيها ، وفي كتب الفاضل سنة (١) ، واستغربه جماعة ومنهم الشهيد رحمهالله قال : فإنّي لم أقف عليه في كتب أحد من الأصحاب مع كثرة تصفّحي لها ، ككتب الشيخين وابن البراج وابن حمزة وابن إدريس وابني سعيد وغيرهم من القائلين بالأرش مع العود ، وابن الجنيد ومن تبعه من القائلين بالبعير مطلقاً ، ولا في رواياتهم ، ولا سمعته من الفضلاء الذين لقيتهم ، بل الجميع أطلقوا الانتظار بها ، أو قيّدوه (٢) بنبات بقية أسنانه بعد سقوطها ، وهو الوجه ؛ لأنّه ربما قلع سنّ ابن أربع سنين ، والعادة قاضية بأنّها لا تنبت إلاّ بعد مدّة تزيد على السنة قطعاً ، وإنّما هذا شيء اختصّ به المصنف قدّس الله روحه فيما علمته في جميع كتبه التي وقفت عليها ،
__________________
(١) انظر القواعد ٢ : ٣٢٧ ، التحرير ٢ : ٢٦٠ ، التبصرة : ٢٠٩ ، الإرشاد ٢ : ٢٠٧.
(٢) في النسخ : قيّد ، وما أثبتناه من المصدر هو الأنسب.