ومرّ ثمّة وجه الحكمة في هذا الحكم ، وهو كون الجناية فيها في المنفعة التي هي الإبصار دون الجارحة.
ومقتضاه تقييد الحكم بما ( إذا كان العور خلقةً ، أو ذهبت ) العين الفاسدة ( بشيء من قبل الله ) تعالى ، أو من غيره حيث لا يستحق عليه أرشاً كما لو جنى عليه حيوان غير مضمون ، فلو استحق ديتها وإن لم يأخذها أو ذهبت في قصاص فنصف دية النفس ديتها كاملة ؛ للأصل العامّ ، وعدم معلومية انصراف إطلاق النصوص إلى محل البحث.
مضافاً إلى عدم الخلاف في أصل التقييد ، وإن اختلفوا فيما يستحقه في محل الفرض هل هو النصف ، أو الثلث؟ والمشهور الأوّل ، بل عليه الإجماع في كلام جمع ومنهم ابن زهرة (١) ، وهو الأصحّ ؛ عملاً بما مرّ من الأصل المجمع عليه نصّاً وفتوى من أنّ في إحدى العينين نصف الدية مطلقا ، خرج منه عين الأعور بآفة أو خلقة بما تقدم ، فيبقى ما نحن فيه تحته مندرجاً ، مع أنّه لا خلاف فيه إلاّ من الحلّي (٢) ، حيث حكم بالثاني ، وهو شاذّ ، بل على خلافه الإجماع في المختلف والتنقيح وغيرهما (٣) ، وحكما كسائر المتأخرين بأنّ ذلك منه وهم ، وبيّنوا وجهه بما لا طائل مهمّاً في ذكره.
( وفي خسف ) العين ( العوراء ) أي الفاسدة ( روايتان ) وقولان ( أشهرهما ) على الظاهر ، المصرّح به في كلام جماعة (٤) حدّ الاستفاضة ،
__________________
(١) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.
(٢) السرائر ٣ : ٣٨٠.
(٣) المختلف : ٨٠٣ ، التنقيع الرائع ٤ : ٤٩٥ ، المهذّب البارع ٥ : ٣١٣.
(٤) منهم المحقق في الشرائع ٤ : ٢٦٢ ، والشهيد الثاني في الروضة ١٠ : ٢٠٥ ، والفاضل المقداد في التنقيح ٤ : ٤٩٦.